وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ أبنا ـ تزامنا مع الأيام الأخيرة من شهر صفر وعلى أعتاب وفاة الإمام الرضا (ع)، انعقدت ندوة علمية تحت عنوان"مظاهر وعلامات هداية الإمام الرضا(ع)" يوم أمس الاربعاء، في قاعدة مؤتمرات وكالة أبنا للأنباء.
قال المحقق في قسم التاريخ والفكر الاسلامي حجة الاسلام والمسلمين الدكتر "روح الله توحيدي نيا"، في مقدمة كلمته لبيان المراد من الهداية والاستفادة من مفاهيم المظهر والرمز في تحليل اليوم: ان الهداية، هي في الحقيقة، فلسفة بعث الرسل وتنصيب الأئمة، ولا يتحدد بزمان ومكان معيّنين. وانّ أهل البيت (ع) لهم شأنية هداية الناس، ولا يختلف الأمر بالنسبة لهم ان يكونوا في رأس السلطة، ولا تربطهم بالحكومة أي علاقة، كما هو الحال بالنسبة الإمام الرضا (ع) وهو على هامش السلطة ولكنه يقوم بهداية الناس .
وأكد على أهمية الرؤية الجامعة والكاملة في تحليل شخصيات الأئمة (ع)، معتبرا انّ النظرة الأوحادية في جانب الكلام أو التاريخ أو الحديث من آفات عمل المحقق ومسيره العلمي في معرفة نمط حياة المعصومين (ع).
وتحدّث "توحيدي نيا" حول مراحل الثلاث في حياة الإمام الرضا (ع) في تحليل لمهام الإمام الرضا (ع) المحورية في هداية الناس، مشيرا الى زواية لمرحلة الشباب للإمام الرضا(ع) كنموذج قائلا :ان تحليل مرحلة الشباب وقبل وصوله لإمامة، يُتحفنا بنتائج قيّمة، أضحت في طي الغفلة، ووفقا للروايات، ان الامام علي بن موسى الرضا (ع) وفي غياب الإمام الكاظم الذي قضاه في سجن هارون الرشيد في ظروف شديدة حدت من حركته (ع)، كان يقوم (ع) بالقسم الكبير اللافت في إدارة الشؤون والرد على اسئلة متنوعة للمريدين الشيعة، كما انه كان يتابع الشؤون السياسية والمالية والتبليغية .
وتابع المحقق في الفقه والتاريخ الفكري الاسلامي: ورد من مصادر أهل السنة، كان الإمام الرضا (ع) في مقام الفتوى يجيب على الأسئلة الشرعية وما يتعلق بعقائد المسلمين في مسجد المدينة، وكان المتحدث البارز لأبيه الجليل الذي عرّف الإمام الرضا (ع) بأنه الأعلم والأفقه بين أولاده، وانه وصّى أولاده ان يرجعوا إليه (ع) في قضايا مختلفة .
وقال في مرحلة البداية للإمام الرضا (ع): والمقطع الآخر في العمل المؤثر للإمام الرضا (ع) الذي يمكن ان نشاهده في هداية أتباعه، وهي المرحلة التي عرّفَ الإمامُ (ع) بكل شجاعة وإقدام فيها نفسَه إمامًا على الأمة. وتكتسب هذه القضية أهمية كبيرة عندما نعلم أن أبرز أعضاء دائرة الوكالة وهم معروفون وبارزون من الشيعة، ويتولون شؤون الشيعة في المحيط الاسلامي، وكانوا معارضين للإمام(ع)، هذا من جانب، ومن جانب آخر، ان دكتاتوريا ظالما كهارون الرشيد الذي سجن الإمام الكاظم (ع) وقتله وحدّ من حركة العلويين والشيعة بدرجة كبيرة، ان يكون على سدة الحكم. ولكن مع هذا الانحراف المذكور لم يرفع الإمام الرضا(ع) يده عن هداية الناس في ظروف سياسية صعبة للغاية، وكان هذا في حال أقرب مقربيه من أتباعه قلقا جدا عليه، وبطريقة معجزة يقول الإمام : انا الإمام ولن يضرني هارون .
وتحدّث الشيخ "توحيدي نيا" حول مرحلة أخرى من حياة الإمام الثامن، أي عصر الإمام الكريم في فترة المأمون : لقد نفى المأمون الإمام الرضا (ع) الى مرو؛ حتى يستغل غياب الإمام(ع) في تحقيق أغراضه السياسية ويتمكن من نزع فتيل الخلافات الداخلية له، إلا ان الإمام الرضا (ع) وبحذر كبير لم يسمح بإلحاق أصغر ضرر للإمامة، واستفاد (ع) من الفرص في مقابل المأمون وواصل هداية الأمة. ونرفع الستار لتكفي هذه النظرة عن كيفية إدارة الأمور بمركز الخلافة في ظل هذه الإمكانات المحدودة، وهناك قضايا في فترة قصيرة للإمام (ع) في هذه المنطقة سُجّلت في المصادر، تُعتبر كنز من المعارف الحقيقية ولم توضح لحد الآن بصورة جيدة .
وقال في معرض الإجابة عن السؤال عن المقدار الذي أولينا أهمية في جانب هداية الأئمة (ع) للناس بالوقت الحاضر: للأسف نقول اننا لم نستفد من تعاليم الإمام الرضا (ع) بصورة كاملة، وليس لدينا الرؤية المستوعبة لأفكاره في مجال الحكومة والمجتمع والأسرة. نعم ان نخبنا العلمية تهتم بالموضوع لسنوات، ولكن يجب أن نسأل أنفسنا هذا السؤال ما هو الخلل الموجود في مسارنا العلمي ؟ وما هي المبادئ والمناهج التي يجب ان نستفيد منها؛ لكي يمكن الإجابة عن هذا التساؤل؟ وهذه من المسائل من شأنها ان تغيّر الأوضاع، وأن لا يكون الخوض دون علم في مختلف جوانب شخصيات الأئمة (ع). قال الإمام الرضا (ع) :"إنّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لأتبعونا، الحديث"، والحديث يشمل جميع تعاليم الأئمة المعصومين(ع)، ولكن دعونا نسأل انفسنا لماذا لم تتوسع هذه الإمكانات اليوم كما ينبغي ؟
وقال توحيدي نيا في الختام : الإمام الرضا (ع) يحظى بحب كافة الشيعة وحتى أهل السنة وهذا الحب الفريد هو محور لوحدة المذاهب الاسلامية. ولكن يجب ان تسخّر الإمكانات في خدمة تحقيق الوحدة الحقيقية، وهي تتحقق عندما نأتي بمعارفه وتعاليمه (ع) على طاولة الفكر الاسلامي وندرسها جيدا ونحللها من مختلف الجوانب .
.....................
انتهى / 323
14 سبتمبر 2023 - 07:52
رمز الخبر: 1393565
قال المحقق في الفقه وتاريخ الفكر الاسلامي : الإمام الرضا (ع) يحظى بحب كافة الشيعة وحتى أهل السنة، وهذا الحب الفريد هو محور لوحدة المذاهب الاسلامية. ولكن يجب ان تسخر الإمكانات في خدمة تحقيق الوحدة الحقيقية، وتتحقق ذلك عندما نأتي بمعارفه وتعاليمه (ع) على طاولة الفكر الاسلامي وندرسها جيدا ونحللها من مختلف الجوانب.